القيادة الموقفية هي واحدة من أكثر النماذج القيادية التي جذبت المهتمين في مجال القيادة خاصةً الممارسين منهم. وقد تم تطويرها من قبل هيرسي وبلانكارد في عام 1969 والتي تقوم على فرضية أن أسلوب القيادة الملائم يعتمد على الموقف وهذا يعني أن الأوضاع والمهام المختلفة تتطلب أنواعا مختلفة من القيادة.
أي أنه أسلوب القيادة يتغير بناءاً على تغير الظرف والحالة والموقف القيادي وهذه النظرية تؤكد على أنه لايوجد أسلوب قيادي واحد مناسب لجميع المواقف. وقد طور بلانكارد ومجموعة باحثين في عام 1985 نموذجاً عملياً للقيادة الموقفية وهو يعتمد على محورين محور أسلوب القائد ومحور تطور الأتباع.
أسلوب القائد إما أن يكون أسلوب التوجيه ويقصد به أن يعطي القائد لأتباعه التعليمات لكي يؤدوا مهام عملهم أي يخبرهم كيف يؤدون الأعمال ؟ ومتى ؟ وأين ؟مثلاً تحديد الأهداف وكيفية الوصول لها أو أسلوب المساندة ويعني أن يحفز القائد اتباعه ويشجعهم عاطفياً ويدعمهم على أداء أعمالهم مثلاً المدح والثناء .
ومحور تطور الأتباع يعني تصنيف الأتباع لكي يقرر ماهو الأسلوب المناسب لكل صنف من الأتباع ويتم تصنيف الأتباع بناءاً على جانب رئيسيين وهما
جانب الكفاءة ويقصد به مدى المعرفة العلمية والقدرة المهارية على أداء مهام العمل مثلاً كفاءة الموظف على العمل علىى جهاز في المصنع أو كفاءة الموظف في إدارة الإجتماعات .
والمحور الثاني هو جانب الإلتزام ويقصد به مدى حماسة ورغبة الموظف في اداء مهامه الوظيفية.
وبناءاً على هذين الجانبين تم تقسيم الأتباع إلى أربعة أصناف.الأول من لديه كفاءة منخفضة وإلتزام عالي الثاني من لديه بعض الكفاءة ولكن إلتزامه منخفض الثالث من لديه كفاءة متوسطة إلى مرتفعةولكن لديه إلتزام منخفض الرابع من لديه كفاءة مرتفع وأيضاً إلتزام مرتفع . ويمكن من خلال هذه الأصناف الأربعة للأتباع أن يختار القائد الأسلوب المناسب مابين التوجيه والمساندة وهذه هي الأساليب المناسبة لكل نوع من التابعين:
الأسلوب الإخباري(مرتفع في التوجيه ومنخفض في المساندة) القائد في هذا الأسلوب أغلب تواصله مع اتباعه يتعلق بتحديد أهداف العمل ومتابعة إنجازها بشكل دقيق وهو مناسب للأتباع الذين لديهم كفاءة متوسطة وإلتزام عالي.
الأسلوب التدريبي (مرتفع في التوجيه ومرتفع في المساندة) وهذا الأسلوب يتطلب من القائد القرب من موظفيه والإشراف المباشرعليهم أي أنه يحدد لهم ماهي الأهداف المطلوبة منهم إنجازها وكيفية وإنجازها وأيضاً يحفزهم ويشجعهم لتحقيقها بإعتناءه بحاجاتهم الإجتماعية. وهذا الأسلوب مع الموظفين الذين لديهم كفاءة منخفضة وأيضاً إلتزام منخفض فهم لايعرفون كيف يؤدون مهام وليس لديهم الرغبة الكافية لأدائها.
الأسلوب المساند(منخفض في التوجيه و مرتفع في المساندة) والقائد في هذا الأسلوب يركز على إعطاء الدعم النفسي والتشجيع لأتباعه بالإستماع لهم والسؤال ويعطيهم الحرية الكافية في طريقة أداء اعمالهم إنما يتدخل لحل المشكلات وهذا هو أنسب أسلوب مع الأتباع الذين لديهم كفاءة متوسطة إلة مرتفعة ولديهم إلتزام منخفض لذلك هم يحتاجون التشجيع من قائدهم.
الأسلوب التفويضي(منخفض في التوجيه ومنخفض في المساندة) القائد في هذا الأسلوب لايتدخل كثيراً في العمل وكذلك لايتطلب منه دعماً كبيراً لأن اتباعه لديهم الكفاءة والإلتزام العالي فهو مفوضهم لانجاز المهام ويجعلهم يتحملون المسؤولية ويتفق معهم فقط على الأمور الهامة ويترك لهم الحرية في طريقة الإنجاز.
تعتبر القيادة الموقفية من أكثر النظريات التي لاقت انتشاراً في الممارسين للقيادة في المنظمات فهي لها نقاط قوة متعددة مثلاً أنها عملية جداً وهوماتفتقده بعض النظريات ويسهل تطبيقها كما هو واضح في النموذج الذي ذكر سابقاً.
وأيضاً تؤكد على مرونة القائد أي أنه لايوجد أسلوب قيادي واحد مناسب لجميع الأتباع فهي تبرز أهمية تعرف القائد على اتباعه والقرب منهم لكي يستخدم الأسلوب المناسب لهم.والإيجابية الثالثة لهذا المدخل هو مساهمته في تطوير أداء القادة لانه يوجههم ويرشدهم على الأسلوب القيادي المناسب.
بالرغم من استخدام القيادة الموقفية بشكل كبير في التدريب والتطوير القيادي إلا أنه تم توجيه لها عدة انتقادات منها
أنها تفتقد إلى الدراسات العلمية التي تثبت نجاح تطبيقها.
والإنتقاد الثاني الذي تم توجيه هو التساؤل حول كيفية ملائمة أسلوب القائد مع مستويات تطور الأتباع
وقد أجريت بعض الدراسات التي أثبتت عدم تطابق نتائج الدراسة مع الإطار العملي الذي قدمه بلانكارد مثلا أجرى فيشيو في عام 1978 دراسة على 300 مابين مدير مدرسة ومعلم ووجد أن واحد من الأساليب الاربعة مناسب لنوع الأتباع الذي تم ذكره بينما فشل في ملائمة الأساليب الثلاثة مع نمط الاتباع الذين تم وصفهم في النموذج.
بقلم / د. محمد بن عبدالرحمن القرني
المصدر